Heidi Montags Boob Job

السبت، 7 مارس 2009

في البحث عن موت سلوى القطريب

عندما وصلنا خبر في مكتب عملنا في «الجريدة»، يفيد بأن الفنانة اللبنانية سلوى القطريب توفيت جراء نزيف حاد في الدماغ، سارع زميلنا المتخصص بالأمور الفنية إلى الإتصال بمجموعة من الفنانين والفنانات لكتابة تحقيق وجمع آراء في المناسبة بهدف إلقاء الأضواء على أعمال الفنانة وحياتها، كما هو معتاد في الصحافة العربية. فوجئ بعض الفنانين بالخبر (منهم الليدي مادونا التي قالت «يا ويلي») وتحدث بعضهم كما لو أنه يعلم كل شيء.

على أن زملينا كان منهمكاً في عمله وإتصالاته، عندما نقلت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» خبراً صادراً عن عائلة سلوى القطريب ينفي وفاتها، هكذا حضرت الحيرة وغاب التأكيد في موضوع شائك هو قصة موت فنانة.

وقع الإلتباس، أي خبر نصدّق، من يضع يده على قلب الفنانة ليعرف ما إذا كان ينبض أم لا؟ هل دخلت الفنانة في الغيبوبة حتى النهاية ثم استيقظت؟ من سرّب خبر وفاتها؟

الصحافية التي كتبت الخبر الأول هي صديقة الفنانة ألين لحود إبنة سلوى، قالت إنها اتصلت بصديقتها وأعلمتها الخبر اليقين، أسئلة كثيرة طرحناها على أنفسنا من وحي المناسبة، وبقي سؤال الموت كما هو، الموت الذي يأتي دائماً على حين غفلة، أو هو كالصياد يصطاد الأرواح ولا يتعب.

الأرجح أن موت سلوى القطريب يشبه الحكاية أو الحبكة الروائية أو الدراما التلفزيونية، فهي صاحبة الصوت التي اعتزلت باكراً، وهي الممثلة المسرحية التي لجأت الى التراتيل في أواخر حياتها.

سلوى القطريب ماتت لم تمت، تلك هي الحكاية وتلك هي سذاجة الكتابة التي تنتظر موت شخص لتكتب عنه، فبعض الكتّاب (ونحن منهم)، يفكر في موت الآخرين للكتابة عنهم، البعض يكتب مقالا عن كاتب أو فنان قبل موته ويدلفه على صفحة كاملة حين يأتي الخبر بأن ملاك الموت قد فعل فعله.

هل يقرأ الكاتب الميت خبر موته أو الكتابات التي تكتب عنه؟ الأرجح أن الكاتب حين يكتب عن موت الآخرين يكتب عن موته الخاص، فهو يلامس معنى الموت قبل أن يموت، لهذا يبدو الموت المحور الأبرز في قصائد معظم الشعراء والكتاب.

هل يقرأ الكاتب أو الشاعر أو الفنان الراحل ما يكتب عنه؟ العلم عند الغيب، لكن لنتذكر طرفة مأسوية وهي أنه في أحداث 1958 التي عصفت بلبنان، قتل شخص إسمه ألبير أديب، فسارع بعض الكتّاب الى نعيه ظناً منهم أنه الكاتب اللبناني ألبير أديب، هكذا قرأ الكاتب بعضاً من الرثاء لموته في خلال حياته، عرف كيف يفكّر الآخرون به. كذلك كتبت إحدى الشاعرات مقالاً في رثاء الموسيقي العراقي منير بشير ظناً منها أنه مات وهو ما زال على قيد الحياة. هذه بعض هفوات غير مقصودة، مأسوية لكنها طريفة.

بالعودة الى سلوى القطريب، ثمة مفارقة وهي أنني أدمنت في مرحلة ما سماع الأغنيات اللبنانية، ومنها أغنيات سلوى القطريب، ولم أكن أعرف اسمها، كنت سعيداً بصوتها ولم يكن يعنيني أن اعرف من هي صاحبة الصوت.

سلوى القطريب لم تكن مجهولة لكنني كنت أتجاهل معرفة من هي؟ أسمع اغنياتها «على نبع المي»، «خذني معك»، أسمع صوتها فحسب، هذا قبل أن تأتي موجة أغنيات الجسد حيث غلبت لعبة الإسم على الأغنية والجسد على الصوت، أو بمعنى آخر بات هنالك موجة جديدة هي «أجساد كثيرة بحنجرة واحدة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق